mysteriouseve
هنا، ألوذ في هدأة هذا الليل براحةٍ من قيظ النّهار. هنا، أحوك في الفكر خواطر، وأولّد على الشّفة بنات. هنا، ابتسامات حنين ترجّع صدى طفولةٍ نائية، وقصص حبّ طواها الزّمن. هنا، حلمٌ بغدٍ أجمل
!!!!!




طَيبين؟

لحم الولاد هنّ ونايمين؟

طَيبين؟؟

والجثث اللي احترقت هي وعم تحلم؟

حلوين؟

وسيّارات الإسعاف اللي عم تنقصف؟

والدّم اللي بنقّط من الحيطان؟

واللي تحت الحجر بعدهم عايشين؟

كل شي عَ ذوقكم؟ راضيين؟!



عشرين يوم وإنتو عم تعلكوا قلوبنا

واسنانكم صفرا وريحتكم نتنة

عشرين يوم وإنتوا عم بتكبسوا زرارنا

والعالم، شي بيزقّفوا وشي ساكتين

عشرين!

بدكن بعد...

أكتر من عشرين؟



عدالة؟ رحمة؟ دين؟

هه! لك أيّ دين؟

طز بهالعالم

مطرح ما الملايكة بيموتوا

وبتوعى الشياطين

يوم آخر
أعود إلى العمل. أدخل إلى المكتب. أرى حياتي كما كانت قبل أسبوعين. إزاء عينيّ، تتمثّل تلك اللحظة حين رميت بأقلامي، ولملمت حاجاتي الصّغيرة، وقلت: "طيّب يا شباب! بعثتم فيّ ما يكفي من الملل! ألقاكم في الغد". موعداً كاذباً كان. أرى أوراقي كما هي مبعثرةً هنا وهناك، وقواميسي، على حالها، مفتوحة على كلماتٍ أدخلتني في متاهاتها... قبل أسبوعين فقط. أقرأ الرّسائل المتراكمة في بريدي. مزيدٌ من الكلمات. آخر محادثةٍ لي كانت مع زميلٍ لم أقابله، من النّاحية الأخرى للكرة الأرضيّة: "هات ما عندك أنت أيضاً، ما سرّ النّطحة الشّهيرة؟" أقرأ الإجابة لكنّني لا أقرأها فعلاً. إمّا أنّ الكلمات أصبحت غريبة جدّاً.. أو أنّني، أنا، بتّ غريبةً عن الكلمات...

رسالة إلكترونيّة أخرى، عمرها أسبوعٌ أو ما يقارب... من صاحب الكرسيّ الفارغ إلى جانبي.
"آسف لأنّني لم أقل وداعاً".
زياد...
نجحوا أخيراً في ردّك إلى "بيتك الصّغير في كندا".
زياد...
أكره الكراسي الفارغة إلى جانبي.

أكثر من خمسة أشخاص اليوم أخبروني عن رحيلهم. أكثر من خمسة في يومٍ واحد! كثيرٌ عليّ هذا يا ربّي...

أمشي في وسط الطّريق. وسطه تماماً. لمَ لا تزمجر السيّارات في وجهي؟ لمَ لا ينعق بوقٌ من خلفي؟ لمَ لا يأمرني أحدهم بأن أتفضّل فأمشي على الرّصيف؟ لمَ لا أسمع عبارة: "شو عميا؟ ما بتقشعي؟" ؟ لمَ لا يحرّر شرطيٌّ مخالفةً بحقّي؟ لمَ لا يحتجّ أحدٌ، أيّ أحد؟ لمَ كلّ هذا الصّمت؟ لمَ، دائماً، كلّ هذا الصّمت...

أرى ليلى تركض ضاحكةً في الحيّ. باتت تشبه الصّبيان بشعرها القصير. يومَ جاؤوا بها إلى هذه المدرسة، أخبروها أنّهم سيجزّون شعرها الأسود الطّويل توفيراً لمياه الاستحمام. لم يهدأ صوت نحيبها تلك اللّيلة. لكن لمّا أمسكوا بالمقصّ في اليوم التّالي، أغمضت عينيها بقوّة ولم تقل شيئاً. لم تر كيف أخذت خصلاتها تتساقط الواحدة تلو الأخرى... بهدوء، كجرائم تُرتكب في الخفاء... بانسياب، كريشةٍ تنهي ارتحالها عند حدّ سكّين... بوقاحةٍ، كأعمى يسحق فراشات. فليسجّلوا هذا بنداً على لائحة فظائعهم، أربابُ الدّمار. فلينعقد مجلس الأمن مرّةً أخرى. فليجهزوا تابوتاً إضافيّاً... لشعر ليلى.

أفتح التّلفزيون. أصغي إلى ورقة النّعي اليوميّة. أسماءٌ ووجوهٌ متتالية. أشعر بالعار إن غيّرت القناة قبل عرض صورهم كاملةً. أشعر بالعار إذا ضاع منّي اسمٌ واحد... أرى صورهم كاملةً، أسمع أسماءهم واحداً واحداً، فأشعر بالمزيد من العار.

أصغي إلى جريحةٍ تتكلّم.
"انهار المنزل فوق رؤوسنا. غبارٌ وأحجار ودماء. عرفت ابنتي من يدها. مددت ذراعي، فعرفت ابني من شعره. وسألت زوجي المسجّى إلى جانبي:

- أما زلتَ حيّاً؟

فسمعته يجيبني: نعم، لكنّني فقدت قدميّ."

أقفل جهاز التّلفزيون. أخرج إلى الشّرفة. أحتاج إلى الهواء.
وجوه لبنان الجميلة
أخرج من بيتي كلّ يومٍ كي لا أضطر للنّظر إلى وجهي في المرآة. أهرب نحو شوارع كامدة ومحال مغلقة. أرى وجهي لا ينفكّ يطالعني في الواجهات.

أنسى في أيّ يومٍ نحن. تضيّعني الأيّام. أطلب من الصّيدليّ درسي الأوّل في المهدّئات. أرى وجهي في نظرته، وحركات يديه، وحبّة الدّواء.

أفتح بريدي. أصدقاء. غرباء. مقابلات. أصوات رقيقة. أجيب بأنّني بخير. أرى وجهي يومض بين الفواصل والكلمات.

أبحث عن صرختي التي لم تخرج إلى العلن بعد. صمتٌ حانق، جافّ، يرقص على وقع قرعٍ مستمرّ بين الأذنين. أفعل أيّ شيءٍ كي يتوقّف القرع العنيف. أصلّي كي تجتاحني آلامي الشّهرية سريعاً، فأنسى الألم الذي يتخبّط داخل رأسي. أصلّي أن أتقيّأه مع كلّ ما علق في داخلي من اشمئزاز وحقد وجثث محروقة وعالمٍ لامبالٍ. أصلّي ألا تنظر إليّ هذه الوجوه التي، كلّما حاولت أن أغمض عينيّ، نزعت عنّي كفيّ وزادت فيّ تحديقاًَ.

كم تحمل وجوهنا من عبق هذه الأرض؟ كم علق فيها من تراب وغبار وأوراق ومواعيد؟ كم تشبه كرومَ البقاع وتفاح الجبل وقلعة صيدا وميناء صور؟ كم في هذي الوجوه من شمس الصّيف وجنون كانون، وزخّات المطر فوق الشّبابيك أواخرَ أيلول؟ كم تغصّ وجوهنا بتفرّعات جداول، ومنعطفات طرقٍ جبليّة، وغصون أشجار تسلّقناها، وقبلٍ أولى سرقناها... كم في وجوهنا من همومٍ أتبعناها بابتسامات، ودموعٍ أعقبناها ضحكات... كم في وجوهنا منك يا لبنان...

في التّلفزيون، متّصلٌ ينعي ليال نجيب، الصّحفية التي قتلت عن 23 عاماً جرّاء القصف الإسرائيلي. لعلّه الوجه الذي كانت تنيره ليال يتكلّم. الصّوت يهمس لها: "أنت أيضاً تشبهين لبناني: جميلة، ومثقّفة، وذكيّة، وقدرك دائماً الموت في النّهاية." كلّ هذه الوجوه... لبنان في كلّ مكان... وأنا لا أقدر أن أنظر...

وأنتَ... تأتي لتنزع كفيّ عن وجهي، وتأمرني بالنّظر. يعلو صوتك: "أنظري، أنظري!"، فيما تقيّد حركة يديّ المتعبتين. وتظلّ تأمرني إلى أن أصرخ أخيراً، صرخـةً أبعد من كلّ حدود الأرض. صرخةً أقوى من كلّ تفاصيل الزّمن. صرخةً لأجل كلّ تلك الوجوه الجميلة.
ما تخافي يا ماما
في حديقة الصّنائع في بيروت، حيث النّازحون ينامون في العراء، يجلس أطفالٌ في فيء شجرة، يرسمون طائراتٍ سوداء وقذائف.

في حديقة الصّنائع في بيروت، يركلون كرةً ويلعبون "اللّقيطة"، كي ينتقموا من الذّباب الذي يتآكلهم ليلاً.

في حديقة الصّنائع، صبيّ صغير رصدته الكاميرا. يصمت. يشيح النّظر. ينظر ثانيةً. ثمّ يتكلّم بخجل.

- وين الماما؟
- هونيك. عم تبكي.
- ليش عم تبكي؟
- لأنّو الطّيارات قصفت البيت. بيتنا وقع...

يطأطىء رأسه نحو الأرض ويضيف: "هي مفكرة إنو بطّل عنّا بيت."

ثمّ يدّس يده في جيبه، يخرج شيئاً، ويعلن بانتصار:

- بس أنا قلتلها ما تخاف... أكيد رح نرجع عالبيت. أنا جبت معي المفاتيح. حتّى شوفي!
هيك أنا بدّي




بدّي العجقة. والعالَم تملّي السّاحة من جديد
بدّي زمامير السيارات تلعلع من الشّارع القريب
بدّي طابات الولاد تعلق بين إجريّ
وريحة الأراكيل والمعسّل والقهوة المغليّة
بدّي بيّاع البالونات والرّسام وعازف الأكورديون
وتفشيخ السّبت والسّهرانين والأعراس الجماعيّة
بدّي نفتل ما نلاقي ولا كرسي فاضية هون
بدّي نرجع نتمشّى وتجرّب تمسك إيدّي
بدّي...
وبدّي...
وبدّي...

على قد ما لبنان عم بدمروه
على قد ما بالقسوة قلبي عم بعبّوه
على قد ما أملي بجربوا كتير يطفّوه
بعرف كتير منيح
إنّو رح يصير متل ما بدّي!

*صورة لوسط بيروت، المشتاق إلى الحياة.
هون ومنّي هون
صرت هون. من الجهة التّانية للبحر. من الوجه التاني للقمر. مطرح ما كل شي حلو، وبريّح، حتّى لو دايماً بيبقى بارد.

كان لازم روح. إنت بتعرفي.
الكلّ عم ينهش من هالأرض، وأنا... بطّلت قادر اتحمّل.
المنظر عالحدود كان بيوجّع.
كلّهم بدّهم يبقوا؛ كلّهم لازم يفلّوا.
كان بدّي ناديلهم. كنت رح إمسكهم من اكتافهم، هزّهم هيك، واصرخ فيهم: "كيف... ما تستحوا من حالكن..." نسيت إنّو أنا كمان، مع الرايحين، رايح.

أبشع شي الواحد يسافر بالباخرة، بتعرفي؟ الطّيارة كم دقيقة وبتطير. السيّارة، دعسة بنزين وبتمشي. بس بالباخرة، بضلك واقف عم تتأمّل بالمينا، غصب عنك.. عم تتطلّع عالأرض اللي عم تبعد، عالنّاس اللي عم تصغر، عَ إيد عم بتلوّح، عَ إيد غصّت مش قادرة تلوّح، ع كيس طاير بالهوا، ع بنت عم تنشر غسيل، ع بيوت مسكّرة، ما فيها بنات تنشر غسيل، ع حلمك اللي ضيّعوه... ع حلمك اللي، يمكن، إنت تركته يضيع...

ما فهم عليّ، صاحبي اللي بالمطار، لمّا راسي وقع على كتفه، وبلّشت إبكي.

لأ، مش مبسوط إنّي صرت بأمان. مضايق.. مقهور.. مخنوق من جوّا... أنا هون بأمان، وإنتو بعدكن هونيك. أنا هون خيال عايش مش أكتر، بس إنتو عالقليلي عايشين. أنا هون ما بسوى أكتر من خمس دقايق بالأخبار. أنا رقم. نحنا كلنا أرقام. هويّتنا الجثث والحجر اللي عم بيتكسّر... هون نحنا همجيّين، ما منعرف نعيش مع بعضنا. ما منعرف نحبّ. ما منعرف شو يعني الوطن، على طول، قبل الدّين...

أنا؟
هون ومش هونيك
هون ومنّي هون
هون ناسي حالي هونيك
مش هون أبداً
معكم هونيك

عم بلّش خبّص. إنت انتبهي لحالك. تبقي غنّيلي هالغنيّة أوقات... إذا بعدك عم بتغنيّ.



تحديث: للمساعدة، لا تنسَ زيارة هنا وهنا

هام
أرسلها إلى كلّ من تعرفه، الآن

Emergency Action to End the War on Lebanon Deliver a Letter to the US Mission of the United Nations Join UFPJ and peace and justice activists: Friday, July 21, 4 -5:30 PM 140 East 45th Street (between Third and Lexington Avenues)

We call for the Bush administration to:
* Support a Security Council resolution calling for an immediate and unconditional cease-fire;
* Urge negotiations now to resolve all disputes including the release of prisoners on all sides;
* Put an end to US blocking of UN action.We will stage a picket outside the mission and deliver a letter signed by UFPJ andother peace and justice organizations.
(See text of letter below.)

While the world is crying out for global intervention to stop the bloodshed, we have been tremendously disappointed by the response from the Bush administration. And instead of rallying the international community to call for an immediate cease-fire to stop further bloodshed, it has blocked the UN efforts to do just that. We condemn all attacks on civilians, and call for the release of prisoners held on all sides in this conflict, including the Israeli soldiers captured by Hezbollah. But while Hezbollah violated international law by attacking Israel and then firing missiles at Israeli cities, Israel's clearly disproportionate response is an act of collective punishment against the Lebanese population -- a serious violation of international law.On Friday, we will go to the US mission to hold our government accountable for their negligent response to this conflict. Please join us.

Dear Ambassador Bolton,
On behalf of United for Peace and Justice (UFPJ), the largest antiwar coalition in the United States, we want to express our concern over the escalating crisis between Israel and Lebanon and urge you to support a Security Council resolution calling for an immediate and unconditional cease-fire.We are gravely concerned about the loss of lives on both sides. We condemn all attacks on civilians, and call for the release of prisoners held on all sides inthis conflict, including the Israeli soldiers captured by Hezbollah. But while Hezbollah violated international law by attacking Israel and then firing missiles at Israeli cities, Israel's clearly disproportionate response is an act of collective punishment against the Lebanese population -- a serious violation of international law.While the world is crying out for global intervention to stop the bloodshed, we have been tremendously disappointed by the response from the Bush administration. Instead of using its influence on Israel to stop the devastating attacks on the Lebanese population, it has supported such attacks. And instead of rallying the international community to call for an immediate cease-fire to stop further bloodshed, it has blocked UN efforts to call for an immediate cease-fire.We urgently call on the Bush administration to work with international partners to broker an immediate and unconditional cease-fire and commence negotiations to peacefully resolve the crisis. We look forward to hearing your response.
أحمد



يا حبيبي...


وجّعوك؟

ولمّا صرخت بدّك إمّك، يا ترى سمعوك؟

حدا قعد حدّك، وبَوسلك جبينك؟

حدا وشوشك بحنيّة، وغمّضلك عيونك؟

حدا غنّالك غنيّة، وقلّك إنّو النّار شوي وبتنطفي؟

حدا قلّك إنّك كتير حلو، وشاطر، وقبضاي؟

أقوى من طيّاراتهم كلّها، حلمك إنتَ.

أعلى من غاراتهم كلها، ضحكتك إنتَ.

أكبر من حقدهم كلهّم، حبّك إنتَ.



يا حبيبي...

بكرة رح تكبر، وتصير طيّار، بتعلّي لبعيد لبعيد، أبعد من السما واصوات القذايف. رح تصير إطفائي، وتطفي الأرض اللي عم تتوجّع. رح تصير ملاك، عطول عم يضحك.

يا حبيبي...

نمت؟

تغطّى منيح، خايفة بكرة تبرد وحدك.



* الصّورة لأحمد، ابن السنوات الأربع الذي قُتل يوم الأحد 16 تمّوز، في مجزرة طالت عائلته بأسرها...


تحرّك الآن

Saveleb.org



روابط مفيدة:

إذا كنت مقيماً في الولايات المتّحدة أو تحمل الجنسيّة الأميركيّة، يمكنك المساعدة.

إذا كنتَ متواجداً في إحدى المناطق التّالية، شارك في هذه الاحتجاجات السّلمية، أو ساعد في تنظيم احتجاجٍ مماثل!

الحسابات مفتوحة لمن يريد التّبرع، فضلاً عن غيرها من الوسائل، هنا.

لا تنسوا زيارة المنتدى اللّبنانيّ بشكلٍ دائم للاطّلاع على كافة الوسائل الممكنة لإحداث فرق.



والآن، من يريد أن يسمع آخر نكتة؟

تلقّى المدوّنون اللّبنانيّون، من جملة ما يتلقّونه في بريدهم، رسالة تحثّهم، باسم الدّفاع عن لبنان وانتشاله من أنقاضه والحرص البالغ على مصلحته، على التّوجه نحو المسؤولين الإسرائيليّين وإعلامهم بمواقع حزب الله ومراكز عمليّاته والذي منه. طبعاً، الرّسالة مرفقة بمشاهد الدّمار التي أحدثوها بأنفسهم. كانت فرصةً جيّدة للتّنفيس عن فترةٍ زمنيّة طويلة لم أكل خلالها بالسّباب على أحد.



إذهبوا إلى الجحيم، سيبقى لبنان

غيّروا النّتيجة المشوّهة.
شاركوا في تصويت السي. إن. إن.


الغارات البارحة تجاوزت الثّلاثين. أتقلّب على سريري. يضنيني العدّ. يكاد تقلّبي ينتظم على وقع الدّوي المتكرّر. لوهلةٍ، أخال أنّني لم أعد أنتفض على هديرها. هي أربع ليالٍ مضت؛ أربع ليالٍ وأنا لا أريد أن أنام، والنّوم بدوره لا يريدني؛ أربع ليالٍ وصوت المؤذّن عند الفجر يجدني يقظة... حين يختلط صوته بصوت سهر الضّاحية القريبة، وضجيج أفكاري، يجلس النّوم على حافّة سريري، ونروح نتسامر إلى ما تبقى من ساعات الصّباح...

سيّارات الإسعاف. لهاث التّلفاز. صوت المذيع الباكي في هذه اللّحظة بالذّات. كلّه متواجد في الخلفيّة. أَنظر إليهم ينتشلون الجثث. يقولون إنّهم احترقوا أحياء. بطريقةٍ من الطّرق، أشتمّ رائحة اللّحم المحترق.

(تحذير للقلوب الحسّاسة)

أمشي باستمرار. لا يمكنني الجلوس طويلاً. أدور حول نفسي. أنظر عبر النّافذة. أتطلّع إلى فوق. "يا الله، حِبنا شوي. شوي بعد!"

أريد أن أسترجع حياتي التّافهة. أريد أن أعود إلى مكتبي الغارق تحت أوراق التّرجمة. أريد أن أستيقظ صباحاً، وأحتار أيّ ثوبٍ أرتدي. أريد أن أنسّق بين لون ماكياجي، ولون تنّورتي. أريد أن أعود إلى كتابة تدويناتٍ سخيفة عن الحبّ... أن أنظّم رحلة إيطاليا من جديد... أن "أحرقص" مشجعي ألمانيا على خسارة فريقهم الرّياضيّ... أن أنفّذ مشروعي المؤجّل مع "ميسون"... أن نخرج ونلتقط صوراً لبيروت؛ بيروت وهي تبتسم... أن أستمتع بالتّشاجر مع زميلي في المكتب... أن أرقص مع "ريما"... أن أغضب من "وديع"... أن أجعلك تفهم أنّني لن أتزحزح من هنا، أفي سلمٍ كنّا أم في حرب، أفي عرسٍ أم في صمت... وستبتسم لأنّك تعرف أنّني لن أتزحزح.

العالم صامت. الخسائر توقّفنا عن إحصائها. البعض مشغولٌ بتوجيه أصابع اللّوم. وفي خضمّ كلّ هذا؟ المنارة والمرفأ والجسر والحجر والكلمة وفيروز والمطار والطّفل تحت الأنقاض وبيروت وصيدا وصور والجيّة وطرابلس وبعلبك وشتورة والنّاقورة، ولبنان! ولبنان! ولبنان...

والإنسان.

الإنسان الباقي الذي ما زال يعلو بصوته. بين ضربةٍ وأخرى، يعلو بصوته:
"خلّوا فيروز ترجع عَ بعلبك!"


لبنان.. يا أخضر يا حلو... أيّ اغتصابٍ هو هذا... أيّ اغتصاب.......................
تعبت
حدا بس يقلي... كيف صرنا هيك؟؟؟











ما بقى عندي قوّة اتصنّع الأمل... خلص، هالمرّة يمكن خلص...


جرّبي أن تعيشي
رسالة الصّباح التي وصلتني عبر الهاتف، من صديقةٍ، اليوم، حملت ثلاث كلمات. ثلاث كلمات فقط.
"جرّبي أن تعيشي"

جرّبي. أن. تعيشي.

أقصر جملةٍ كاملة تجعلني أقفز من سريري في وثبةٍ واحدة.

لم أكن أدري أنّني سأبدع في مخالفة كلماتها كلّ الإبداع.

وصلت للتوّ من منطقة الحمراء، حيث كان من المفترض أن ألتقي ببعض المدوّنين. دويّ قويّ في الأجواء القريبة. دويّ يتكرّر مرّةً واثنتين وثلاث. لعلّه كان غباءً منّي أن أذهب في المقام الأوّل. لعلّي كنت أريد أن أقنع نفسي بأنّ الحياة مستمرّة بشكلٍ عاديّ، رغم كلّ شيء. لا أدري من سقط هذه المرّة. اتّصالات أهلي الجنونيّة تأمرني أن أعود في الحال. "لا تسلكي طريق الكولا. ولا جسر سليم سلام. لا تتّجهي نحو المدينة الرياضية. ولا الماريوت..." نعم، شعرت بالخوف للمرّة الأولى. جمال، عبر الهاتف، ينصح بألا أقود في هذه الظّروف. زياد، الواقف معي، ينصح بالعكس. كان عليّ أن أختار. عدت إلى البيت، وشعوري هو "اللي بدّو يصير يصير". كيف كانت القيادة؟ جنونيّة.

زيزو: إيف، لعلّه من الأفضل ألا تسلكي هذين الجسرين.
إيف: فكرة جيّدة (ضحك هستيري).

في هذه اللّحظة التي أكتب فيها، بعد مضيّ ساعة ونيّف. بارجة إسرائيليّة استُهدفت. نصر الله يخاطب النّاس: "أنظروا إليها كيف تحترق". الشّارع يعمّه تهليل عام. الجوّ جنونيّ. لا أدري أهو قصفٌ أم مفرقعات. لا أدري ماذا سيحدث الليلة. لست مطمئنة البتّة. ثلاث كلمات تطرق في بالي:

جرّبي أن تعيشي.
ترتيب الأولويّات رغم كلّ شيء

يبدو أيّها الأعزّاء أنّه وقت إخراج الأغاني الوطنيّة من أوكارها. "أحبّك يا جنوب"، و"يا حبيبي يا جنوب"، و"راجع يتعمّر هاللبنان اللي، يقصف عمرك، ما كانوا يعرفوا يعمروك ويخلصوا بقى".
يبدو أيضاً أنّه وقت للتّفكير والتّروي، ولاستيعاب الصّدمة التي، قبل يومين فقط، لم تكن قد شهرت بوجهها أمامنا. (لك أيّ وجه! لم تكن قد شهرت بذنبها حتّى.)
فلنراجع حساباتنا قليلاً. ما هي المشاهد المتوفّرة لدينا؟

- نزوح لبنانيّ بين المناطق، وحشود غير لبنانيّة عبر الحدود مع سوريا، جبهة المغادرة الوحيدة غير المحاصرة (مش مطوّلة هي كمان)! تقييم وقع المشهد: غصّة قوّية في الحلق، وتغيير القناة التّلفزيونية.

- مطار ذو حركة مشلولة. مشهد النّيران المتصاعدة من خزّانات الوقود. سماء بيروت في اللّيل. تقييم وقع المشهد: قدر عشرين صفعة، وضربة قويّة على الرّأس.

- بيوتٌ منهارة فوق أصحابها. عائلاتٌ أُبيدت بكامل أعضائها. جثّة في برّاد مستشفى. فتاة أغمضت عينيها إلى الأبد. تقييم وقع المشهد: سكاكين تنغرز في القلب.

- جسور مهدّمة؛ غارات متعدّدة، تهديدات بالجملة... التّقييم: وهل من داعٍ للسّؤال؟

آخر الأخبار؟ جورج ابن "أبو جورج" (هيدا دبليو بوش ما غيره) يعتبر أنّ كلّ هذا دفاعٌ مشروعٌ عن النّفس. والإسرائيليّون لا يتركون منطقةً تعتب عليهم. يستهدف حزب الله جنودهم، فيستهدفون رعايانا. يدّّعون أنّ هذا خيرٌ لنا، وحفاظٌ على سلامتنا. من هذا المنطلق، هم "الأشرار" في هذه القصّة، وأفعالهم لا تغتفر. لا شكّ في ذلك.

ننتقل إلى الجزء الثّاني من المسألة. جزء الفارس المغوار الذي أقبل على حصانه الأبيض، واجتاح المخاطر، ليخلّص المظلومين، مهما كان الثّمن. أكرّر مهما كان الثّمن. وفي هذا الجزء، يتوجّب علينا أن ننتقي الأبطال. الأخيار، بعبارةٍ أخرى. هؤلاء الأبطال الذين جرجرونا إلى ما نحن غارقون فيه اليوم (بالمناسبة، يرجى من جميع الرّاغبين استخدام السّاحة اللّبنانية تحقيقاً لأغراضهم الخاصّة تسجيل أسمائهم على اللائحة والانتظار بالدّور. سوف يحين دور الجميع). طبعاً، لم يتمّ استئذاننا في شيء. ومن نحن لنقف في وجه الأبطال؟ (وإيه شو يعني لبنانيّي! لك روح يا شيييخ، بكرة منجيب لكم وطن غيره!)

إذاً هذه هي الرّواية الرّسمية. لكن، حسب رأيي الشّخصي، القصّة لا تحتوي على أبطالٍ من كلتا النّاحيتين. القصّة تتضمّن ضحايا... ضحايا كثر. وتتضمّن أيضاً مذنبين. حزب الله أذنب. لا شكّ في هذا. ميول حزب الله السياسيّة تمثّل جزءاً غير بسيط من اللّبنانيّين (لكن لا جميعهم). لا شكّ في هذا أيضاً. لكنّني أورد الرّواية الرّسمية لأنّ الوقت ليس وقت إثارة النّعرات الدّاخلية، ولا البحث في موضوع الحقّ معهم أم عليهم، أو "عيب عليكم كيف بتعملوا هيك" (مع إنّو: معقول راسكم؟ عن جد كيف بتعملوا هيك!!). الوقت وقتٌ لإيقاف الهجمات الإسرائيليّة على أرض لبنان بأسرع ما يمكن، ووضع حدٍّ لسقوط المزيد من القتلى والخسائر. أمّا بعد ذلك، فلكلّ حادثٍ حديث، ولكلّ حدودٍ ترسيم، ولكلّ صلاحيّاتٍ نطاقٌ معيّن. ومن هنا، ضرورة عدم التزام مواقف مشتّتة. ومن هنا اختيار الانحياز إلى لبنان، واعتماد صوت واحد. ومن هنا، الرّواية الرّسمية.

المشاهد ما زالت تتوالى على شاشة التّلفزيون. أكتم الصّوت. أتفرّج على بيروت مضاءة ليلاً. من غير صوت. مع بعض دمع. ما زالت تبدو جميلة. رغم كلّ شيء...
الجسور المجروحة


الزّهراني... الأوّلي... الدّامور...

كانت الطّريق من الجنوب عبيروت طويلة. هيدا من زماااااان... وكنّا، كل مرّة، نضيّع الوقت نحنا وعم نعدّ الجسور... ما كنّا نفهم كيف بيحسبوا المسافة بالوقت أو بالكيلومترات. كنّا زغار ونعرف نحسبها بالجسور، بس.
- بابا، كم جسر صاروا؟
- ماما، كم جسر بعد حتّى نوصل؟

كم جسر في بين الجنوب وبيروت؟ ما بعرف... ما تسألوني... نسيت... من زمان بطّلت الجسور هي عملتي النّقدية، ومقياسي للأشيا. صارت ضحيّة متلها متل غيرها، منركض لنقرا اسمها عملاحق الأخبار، بكعب الشاشة، مع كلمة "عاجل" باللون الأحمر.
ليش مين قال الجسر ما بينزف بالأحمر لمّا يتوجّع؟

من الجهة التانية للجسر، مطرح ما صار صعبة أوصل، في كل المشاهد اللي كأنّها عم بتعيد حالها، قبل عشر سنين. بس أنا وقتها كنت من الجهة التّانية للجسر. هلّق صرت هون. "ميم" بقيت هونيك. بفكّر إنّو يا ريتني معهم هونيك، متل هيديك الإيّام. بس ما بدّي تلفن لها هلّق. رح نرجع نختلف بخصوص الحقّ مع مين وعمين، وقصّة الأسرى المتروكين، والجيش اللي مش قادر يحمي، و"هديّة" الحزب كلّ سنة، ورح ترجع تتطلّع فيّ كأنّو بيروت غيّرتني. ما بعرف... أنا أصلاً كتير ضايعة. معصّبني اللي صار، مضايقني، وكتير ضايعة.

تلفون من الشّغل ببلّغني إنّو "ما تتركي بيتك الليلة". بففففف، شي بيضحّك. أصلاً هول الأجانب بخافوا من نملة. "طيّب، رح انتبه" وبتّصل بأوّل رقم بفكّر فيه: "شو عامل الليلة؟"... بتذكّر ساشا الرّوسي، وبتحسّر على كلّ تعبي كرمال يزور لبنان. رح يرجع يطلعلي بهيدي النظرية الغبية "شفتي؟ قلتلك إنّو بخاف إجي". أوّل مرّة سمعت جملة من هالنّوع، ضحكت كتير. صراحة؟ لهلّق بلاقي صعوبة إنّو ما إضحك. "بتخاف؟ ليه شو في؟" نحنا من جوّة ما منعرف شو في. ما منعرف كيف حياتنا عم تمرق فينا وعلينا. قصّة كفاح يوميّ؟ ضدّ شو بالظّبط؟ ضدّ اللي بخافوا يجوا، أو اللي بخافوا يضلوا، أو اللي بخافوا يجوا وما يضلّوا، أو اللي بخافوا وبس؟

أسامي الجسور بالملاحق الإخباريّة كلّها أصحابي. صُحبة من نحنا وزغار. وبكرة رح شوف صورها بالجريدة، قبل وجعها وبعده، مع سطر زغير عم بقلي: "فتشي عالفوارق السّبعة".

خايفة لاقي أكتر من سبعة. أكتر بكتير.
ابني بالتبني


لأ مش هي إمّك
أنا اللي هي
أنا اللي حضنتك
وخبّرتك ألف خبريّة
أنا اللي علّمتك تقرا
وخيّطت ازرارك بإيديّ
أنا اللي قلتلي بحبِّك
وعشوي... عطيتك عينيّ
أنا اللي رسمتني عَ اوراقك
وهْديتني بطاقات.. وورد.. وغنيّة
أنا اللي قلت إنّك ابني، وطالعلي
بمنخاري وطبعي وسَهَري ليليّ
أنا اللي خبّرتك إنّو الحبّ بيعلّم الشّعر
وإنّو الإنسان لمّا يحبّ بيصير عنده قضيّة
أنا اللي بعرسك قمت ودَبَكت
يا حسرتي... بتعرف إمّك شو مستحية
أنا اللي ما بحقّ لي أفرض عليك حالي
لا ببيتك، ولا بحياتك، ولا حتّى عالهويّة...
وجايي بعد كل هالعمر تقلّي هي؟
لا يا ابني... إذا أنا مش إمّك...
أكيد مش هي!

نظرة واحدة

- لا تذهب.

تفقّد ساعته وأجابها: "حسنٌ، لا ضير من البقاء دقائقَ إضافيّة".
تمتمت بهدوء:
- لا...
قبضت على معصمه.
رمقت تذكرة السّفر المتربّصة فوق المنضدة بنظرةٍ واحدة.
التفتت إليه.
تنفّست بعمق.
ثمّ همست:

- لا تذهب.
ومضات
وفي الصّبح، نسيت كلّ جنون اللّيلة المنصرمة، هرجها ومرجها، وشهقات قلبها... صفا ذهنها من كلّ شيء تقريباً إلا لحن غريب ظلّت تدندنه طيلة النّهار، بصوتٍ شارد...






"أنا زهرة بريّة
أنا اسمي عزوبيّة
وما بدّي إسوارة تحبس... تحبس بإيديّ"



عبيــــــر



جذر الاسم:
الضَّحكُ في كلّ لحظة. مع كلّ نفسٍ للحياة.
فساتينها الملوّنة يزيّنها..
وأحلامها اللّيلية يقتحمها..
ووجنتها يتثاءب فوقها، ويتّخذها وسادة.

في قاموسٍ من القواميس، "عبير" يعني الوجه الذي يضحك... حتّى عندما تبلّله الدّموع.


نعم. مستعدّة





إيه، وعدا ذلك؟ كيف الطّقس؟

غريبُ الأطوار
أخرجُ من المكتب. أغادر المبنى. الشّمس في عينيّ. أعرف أنّك في مكانٍ ما، تنتظر، وتنظر إليّ.
ستتّصل بي الليلة. ستخبرني أنّك رأيتني أغادر المبنى؛ أمشي مشيتي الغريبة؛ وأتضايق من الشّمس في عينيّ.
سأكون قاسيةً معك على الهاتف، كعهدك بي. ستكرهني كما تفعل دائماً. سوف تحاول أن تبحثَ فيّ عن صديقتك القديمة. سأقسو أكثر وأكثر وأكثر. سأجرحك كما لم أفعل قبلاً. ستختفي لأشهرٍ كما تفعل دائماً. وستعود، لأنّك تعود دوماً.

أمقت نفسي حين أكون معك.
أمقتُ أنّك تُخرج منّي أسوأ ما لديّ، مع أنّك لا ترى إلا أحلى ما فيّ. أمقت أسئلتك التّافهة في ظاهرها، العميقة في باطنها. أمقت لهجتك الفرنسيّة النّاعسة، وصراحتك الزّائدة، وأسئلة أصحابي كلّما صادفوني معك: "ماذا أفعل مع غريبٍ للأطوار مثلك؟" أمقت حين تدّعي أنّك تعرفني جيّداً، مع أنّني لم أبح لك بمكنونات صدري قطّ. أمقت أنّني كلّما ابتسمت لك، تشبّثتَ بي أكثر؛ وكلّما أبعدتك عنّي، زدتَ منّي اقترابا...

كيف أفعل هذا؟ كيف أصغي إلى كلامك الذي لا يشبه الآخرين، وإلى "قصّة حبّك المستحيلة" معها، فتخالني الوحيدة التي تفهم لغة أحزانك؛ ثمّ كيف أستحيل هذا المخلوق البشع فجأةً، فأبني في وجهك حصوني المنيعة؟ تقول إنّني أنتقم من الدّنيا بك، وإنّ أحدهم غيّرني، لكنّني أبقى نقيّةً في نظرك. تسألني دوماً عن لون شعري في الآونة الحاليّة: أأشقر أم بنيّ أم ضارب إلى الحمرة، وتعاتبني إذا لم يعجبك ما أصبح عليه شعري... وأنا صرت أسمعك ولا أجيب، أو أتصنّع الاستماع وأومىء برأسي شاردةً.

تأخذني في رحلاتٍ طويلة على درّاجتك النّارية. تعرف أنّني أحبّ هذه الرّحلات، رغم خوفي الأوليّ من سرعتك الجنونيّة. نذهب إلى الأماكن التي كنتما تذهبان إليها أنت وهي. تقول لي: "هنا، مارستما الحبّ خمسين مرّة". نقطع أشواطاً وأشواطاً لتريني محيط منزلها، وغرفة نومها الزّوجية حين كانت تودّعك من على شرفتها صمتاً. تخبرني أنّك كنتَ تهديها كلّ يومٍ شالاً، لأنّ الورد يذبل، والشّال يصيّرك جزءاً من رائحتها. تجعلني أقسم ألا أخبر أحداً عن حكايتكما. تقول: "لأ، ما تركنا، هنّ ترّكونا..." تخبرني أنّها هي من علّمك الحبّ، وأنّك عشقتَ لأجلها أولادها. تقول إنّك تحتفظ في جيبك بأقلّ صورها بهاءً، لأنّ عينيها التّعيستين في تلك الصّورة لا تحدّثان إلا أنت. تغصّ وتقول إنّني لن أفهمك، فأنا لم أعرف معنى الحبّ حدّ الألم، وإنّني أصلاً امرأةٌ باردة، مقبلة من مجاهل سيبيريا. وأنا لا أجيب... فقبلك لم أرَ دموع رجلٍ من أجل امرأة قطّ.


ماذا أنا؟ أفقد هويّتي حين أكون معك... أكرهك؟ لا أكرهك؟ أكره نفسي؟ أبحث عن نفسي؟ آخر مرّةٍ كلّمتني، قلتَ إنّك لن تزعجني بعد اليوم، وإنّك ستبقى على بعد اتّصالٍ هاتفيّ إذا احتجتُ إليك. تعرف جيّداً أنّني لن أتّصل بك، حتّى لو احتجتُ إليك؛ لن أحتاجَ إليك. أعرف جيّداً أنّني سأشتاق، قليلاً، إليك. لكنّك ستعود في السّنة المقبلة. ستعود لتخبرني أنّك لا تفهم لماذا تعود. وستكون حلقتنا المفرغة من جديد.
About Me

Name: Eve
Home: Beirut, Lebanon
See my complete profile




Who Are You?

Free Guestmap from Bravenet.com Free Guestmap from Bravenet.com

الموووود

My Unkymood Punkymood (Unkymoods)

بعضٌ منّي... بعضٌ منهم
هفوات مبارح
هفوات بعيدة

على الرّف

dominique

Powered by

15n41n1
BLOGGER