يجلس الله والملاك المرافق في غرفةٍ ضيّقة. يستعرضان نتاج تلك السّنة من الخليقة الجديدة. بين انهماكٍ فوق دفاتر الملاحظات، وفحصٍ وتدقيق وتدوين، يرتشفان جرعةً من كأسيهما، ثمّ يتبادلان آخر ما تناهى إليهما من نوادر، قبل أن يعودا إلى التّعليق على صفّ الأطفال الطّويل المتحرّك أمامهما.
- ماذا عن هذا يا إلهنا؟ - فلتنفث رذاذاً أشقر بين خصلاته، ولتصبغ عينيه بلون البحر حين تنسكب عليه شمس المغيب. إجعله جميلاً فيفتتن به الجميع، وقويّاً فلا يحتاج إلى أحدٍ. ينظر الملاك في قائمته المرجعيّة، ويضع علامةً قرب خانة "ملعقة الذّهب". ثمّ يردف: - وماذا عن الأعراض الجانبيّة؟ - سيظلّ يغرز أوتاداً في شغاف قلبه، بحثاً عن صورةٍ ليست في المرآة. ولسوف يناجي طيف النّوم، فينسى أنّ في أزرق عينيه بعضاً من بريق شمسٍ. وفي نهاية المطاف، إمّا يتناثر أو تتحطّم الصّورة في المرآة.
- وهذه الطّفلة؟ - ترسم غاباتٍ وهميّة، وسجوناً بلا قضبان، وأوطاناً بلا حدود، وحبّاً بلا فرضيّات. ثمّ تدخل لوحاتها عشيّةً لتفجّر صرخاتها المكتومة. لكن إن هي لم تحذر، قد تُوصَد عليها أبواب اللّوحات، فتُعلَّق على جدران البيوت وفي المتاحف، أو فوق سلالم قصرٍ مهجور، لتغدو أخيراً امرأةً لامبالية.
وأنا، حين أشعر أنّ الحياة قد خذلتني، أو يخيّل لي أنّ قطاراً ما، في ناحيةٍ ما، عند موعدٍ ما، قد فاتني، أو حتّى عندما تجتاحني خاطرةٌ حزينة، لهنيهةٍ وحيدة، أجدني أستكمل تلك الفانتازيا الخاصّة التي أنسجها أحياناً في ذهني، فأقول:
"ولمّا حان دوري، فرك الله يديه بإمعان، والتمعت في عينيه ومضةٌ تفضح أكثر ممّا تخفي، ثمّ ضحك ضحكته الجبّارة وهتف: - والآن، كم سنتسلّى!" |
لا اخفيك أن أبتسامتي تضهر على وجهي عندما أقرأ العناوين التي تكتبينها، لأنه غالبا ما أدرك منها ما سيأتي بالنص وسرعان ما تزداد ابتسامتي اتساعا مع قرائتي للسطور الاولى، لأني اصبح متيقناً تماماً من مضمون ما ستليها من أسطر، ولا يعود سبب تلك المقدرة لمتابعتي الدائمة لما تكتبين ولكنه يعود لأن ما تكتبه إيف ليس مجرد تدوينات يومية عادية، إن إيف تنتمي لمدرسة فكرية تضهر ملامحها في كتاباتها يوم بعد يوم من خلال عملها بجهد على مزوالة الانتاج الفكري المرتبط مباشرة بالحياة اليومية، ويبدو أن إيف بعد هذا الجهد الدائم الذي تبذله اصبحت متمكنة من مزاولة هذا الانتاج الفكري بهدف الوصول إلى الاجابات التي تنتهي بها النصوص ورغم كل تلك المترادفات التي تملئ النص من صراخ مكتوم و ابواب موصدة و قصور مهجورة، لكن سرعان ما يكون هناك إجابات، إجابات لايمكن الوصول إليها دون عبثية الفكرة و العمل على تلك الفكرة،
إن الوصول إلي إجابات هو أصعب ما يمكن الوصول إليه في مزاولة الفكر،
لو حبيت اختصر الكلام راح قول بوست جميل إيف :)