عبارةٌ أخرى تسقط في خانة المصطلحات السّاخنة المعلّبة: "الحوار الوطني". أتدركون أنّنا لن ننظر إلى كلمة الحوار من المنظور نفسه تماماً بعد الأحداث الأخيرة؟
فهذه الأيّام، في أيدينا زهراتٌ بريّة، ننزع تويجاتها بحركةٍ روتينيّة، ونحن نردّد الكلمات نفسها: "ينجح، لا ينجح، ينجح، لا ينجح..." بطبيعة الحال، ليس من الغريب أنّه عندما يأتي الحديث عن الحوار الوطني الذي يدور هذه الأيّام في لبنان، بين مختلف الأحزاب السياسيّة، فإنّ آلاف الأزهار تُشوّه، والنّتيجة واحدةٌ لا تتغيّر: "أين تعيشون؟ لا ينجح طبعاً!" في الواقع، لا أدري كم من شخصٍ كان يتوقّع فعلاً أن يخرج المحتفى بهم من قاعة الاجتماع المغلقة، متأبّطين ذراع بعضهم البعض، وهم يهتفون بحماس: "هيييييه! واتّقفنا!"، "مزارع شبعا؟ بففف، شو عم تحكوا؟ مسألة ولا أبسط!" بعبارةٍ أخرى، ما يحدث الآن طبيعيّ جدّاً، ولا أفهم سبب حبس الأنفاس (إنّو لأ! لشو؟ عيب ولُو!). بل لو أنّ الأمر جرى على عكس ما هو عليه، لقلت إنّ شيئاً غريباً قد دُسّ في أطعمتهم، أو لربّما ملاكاً هبط عليهم وهم نيام، أو لربّما نهاية العالم أوشكت قريبة وصار الجميع يهرع إلى تصفية القلوب!
بأيّة حال، عدت اليوم إلى مشهد وسط المدينة الفارغ، علامةَ استئناف الحوار الذي توقّف الأسبوع الماضي، كما أُبصره من موقع المكتب الجديد (نعم، لقد عزّلنا، ولم نعد واأسفاه جيران برّي... لكنّه طبعاً لم يقوَ على الفراق، ونقل أمتعته بالقرب منّا حاليّاً! شو لكن!)؛ كما عاد التّفتيش الرّوتينيّ على يد عناصر الجيش التي اجتاحت المبنى حفاظاً على "السّلامة الوطنيّة" (وآخر همّي إذا المشهد الدّاخلي لحقيبتي صدمهم!)؛ وعادت نزهتي المسائيّة المفضّلة في وسط مدينةٍ خالٍ تقريباً. على الأقل، ترونني أجني شيئاً من الأمر برمّته. أمّا عن السياسة وآخر أخبارها، فلا أزيدها إلا إهمالاً؛ لا بل إنّ متابعتي لها تكاد تقتصر على ما أتسقّطه من أحاديث الزّملاء كلّ صباحٍ في المكتب... بل ما يتناهى إلى مسامعي رغم أنفي (أعرف إنّني بذلك أنافي الجوهر الحقيقيّ لما يجعل المرء لبنانيّاً... بس شو منعمل!). أوتعرفون؟ بالرّغم من التّشويق الحاصل، لا أشعر أنّني أفوّت عليّ شيئاً مهمّاً! لا أريد لا أن أقرأ صحفاً ولا أن أسمع آخر النّشرات الإخباريّة... سمّوه كما تشاؤون: موقف انسحاب، ردّة فعل، خمول، شلل، لامبالاة... المهمّ، دعوني وشأني.
ويا للمناسبة السّعيدة! 14 آذار غداً. أنطفىء شمعة؟ بل نطفىء تنهيداتنا على وقع تهويدة لا تنام (خطّها عقل العويط اليوم في النّهار إهداءً لسمير قصير): "نستحي منكَ لأنكَ لستَ معنا، كي لا نقول: لأننا لسنا معك. ونستحي منكَ لأننا نحن والبلاد حيث البلاد ونحن." -----------------------------------------
*أمّا الملاحظة الهامشيّة الختامية التي لا علاقة لها بهذا الموضوع، فهي أنّ عمل ماجدة الرّومي قد أصبح بمتناول يدي أخيراً، وأدمن حاليّاً أربع أغنياتٍ فيه (وعندما تمسي الأغنية هاجساً على مدار السّاعة، فإنّ العقل يُسجن بين حيطانٍ أربعة، والأفكار تتلاعب بها دوّامة باعثة على الدّوار، والرّأس يكاد ينفجر! فلا ترى الدّنيا إلا من منظورها.. النّجدة!). نبدأ بالأولى...* |
ya evvvvvvvvvvve!
بتصدقي أنو كان بدي قلك أنو تسمعي هالغنية؟ :)
ولكن بيناتنا مش كل الأغاني بينسمعو في عالأكتر خمس أغاني بس.
بالنسبة للبلد، ما بدي حبطك بس العد التنازلي بلش.. وما تسأليني لشو لأنو بدي صدق انو شي تاني..
يا عيني يا عيني ياعيني عالبلد!!