إلى صديق،
عندما سألتكَ هذه اللّيلة ما بكَ، كذبتُ قليلاً. ففي طيّات نفسي، كنت أعرف ذلك الجواب قبل أن يأتيني. سألتكَ رغم أنف الإجابة التي بقيت متربّصةً بالسّؤال. تتبعه دوماً كظلّ لا يفارق صاحبه. حتّى في الظّلام. عساك تعزو الأمر إلى أيّ شيءٍ آخر، سألتك... فلمَ تصيب توقّعاتنا في مثل هذه اللّحظات بالذّات؟
أعرف. سؤالٌ تافه. لا يُجدي هو الآخر. فحين يقع أحبّتُك في شرك الخطر، يمسي كلّ شيءٍ مجرّداً من قيمته: ضحكات العابرين. والأشخاص أنفسهم. والكلمات... الكلمات بشكلٍ خاصّ. الأحبّة، حين تأسرهم الدّوامة، يجرفونك معهم، حتّى وإن بقيت قدماك ضاربتين في الأرض. الأحبّة، تحمل خوفك عليهم فوق ظهرك، وتمضي. وإن رفعوا عنك العبء لبرهة، تعيش مترقّباً الاحتمال التّالي، الضّربة الآتية. يمسي الاحتمال أشدّ ثقلاً عليك من الواقع عينه. الأحبّة حين يتألّمون، تبكي أنت بصمت.
أعرف أنّك لا تؤمن بالآلهة، ولا بكلّ الصّلوات التي توشوش بها الألسنة أثناء اللّيل. لكنّني الليلة أتلو دعاءً هامساً، أخبّئه تحت وسادتي، إلى جانب كلّ الأمنيات الأخرى التي بات يضيق بها المكان. أدعو الله أن يحفظ لك أولئك الأحبّة. ولأنّ دعائي يتيمٌ في هذه الحالة، أخطّه هنا كي تنضمّ إليه أصواتٌ أخرى، فتتحوّل الابتهالات فراشاتٍ ملوّنة، نطيّرها معاً كي يولد ربيع. |
Some times there is nothing to say.
Being there for a friend is all you can do and it's worth much more than any words.