صديقتي كانت تريد منّا أن نلتقي في "بلس" هذا المساء. لا أعرف ماذا خطر لها، فليس من عادتنا أن نجعل من "الحمرا" منطقةً للقاءاتنا. بطبيعة الحال لم يعجبني الاقتراح قط، سيّما وأنّ علاقةً قديمة من النّفور والعدائيّة تربطني بهذا المكان. لا تسألوني عن السّبب؛ فذات يومٍ كان للحمرا مكانتها الخاصّة في قلبي، وفي اليوم التّالي فقدَتْها. بكلّ بساطة. ثمّ إنّ شارع بلس المواجه للجامعة الأميركيّة بحدّ ذاته يوتّر لي أعصابي. يذكّرني بالمرّات التي كان فيها دخول هذه الجامعة أشبه بمعاملةٍ مستحيلة: فإذا لم تدبّر شخصاً يرتادها أصلاً ليؤمّن دخولك، إنسَ الأمر. (حوّاء: "آلو، ليلى؟ كيفك؟ مشتاقين! بعرف بطّلت إحكي معك من كذا سنة، بس بدّي منّك تشرفي وتفوتيني عجامعتك؛ المسطول اللي عالبوّابة مش راضي ولا بشكل!" يعني، شي من هالنوع...) أو ربّما، إذا تأمّلتُ الأمر من وجهة نظر موضوعيّة، ليمكنني القول إنّ هذا المكان يزعجني لأنّني لم أعش حياةً جامعيّة كتلك الموجودة فيه (إلا إذا أردتم أن تسمّوا ارتياد كليّةٍ للعلوم الإنسانيّة، شبه فارغة على الدّوام، يسيطر عليها الجنس اللّطيف بنسبة 99%، وصفوف مؤلّفة من الفتيات بنسبة 100%... إلا إذا أردتم أن تسمّوا ذلك حياةً جامعيّة!). بأيّة حال، فلنعد إلى خواريفنا**...
المهمّ، صديقتي لم تقبل بتغيير المكان، ولا رضيت بمحاولاتي لإقناعها بزيارتي في المنزل، ممّا دفعني إلى الشّك: يبدو أنّها تخطّط لشيءٍ ما. لاااا! إنّها تحاول أن تدبّر لي موعداً مع أحد معارفها! يعني... فلنكن واقعيّين، لست ضدّ الفكرة إذا كان الشّخص المعنيّ شبيه جورج كلوني مثلاً، لكن... يا للعجب... ذلك لم يحدث قط! إغغغغ، الملعونة، لم تلمّح إلى الأمر حتّى! ثمّ كيف من المفترض أن نجلس ونثرثر، بينما سأضطر إلى سرد الإجابات التّقليديّة في مثل هذه الحالات: "نعم، أعمل مترجمة... في منظّمة كذا... هدفنا العمل على كذا وكذا... كلا، لسنا بجواسيس... نعم، أنا من المنطقة الفلانيّة... كلا، هذا لا يعني أنّني أعرف الأشخاص الذين ستبدأ بتعدادهم الآن، إلخ إلخ..." طيّب، إذا كنت لا أهتمّ للأمر، لا ضير إن بدوتُ جميلة وأنا لا أهتمّ له. قليلٌ من الكحل حول العين لا يضرّ.
في سيّارة الأجرة، أنعم الله عليّ بسائقٍ فريدٍ من نوعه: "الكاتيوشا، وما أدراكِ ما الكاتيوشا! أتعرفين تقنيّة إطلاق هذه الصّواريخ؟ هل تعرفين كيف يكون شكلها وملمسها؟ أنا أعرف، جرّبت بنفسي! لكن يا للأسف، كان سعر الكاتيوشا في ما مضى بخساً؛ أمّا اليوم، فقد بات سعر الصّاروخ الواحد ستّة آلاف دولار! قولي لي، مش حرام؟" في مثل هذه الحالات، لتكن إجاباتكم مبنية على ثلاثة محاور: "أهه (ahuh)... والله؟... مظبوط... أهه... والله؟... مظبوط..." الأمر ينجح دائماً. ثمّ عند الفرصة الأولى، إهتفوا: "ها قد وصلنا إلى الحمرا، عندك! نزّلني هووووون!"
صديقتي ترنّ رنّةً على الهاتف علامة وصولها. "حمداً لله، هذه هي المرّة الأولى التي لن أضطر للانتظار". لكنّني أصل إلى المكان المنشود، ولا أثر لها. - لك وينِك يا عمّي؟ - أنا ببلس. - ما أنا ببلس كمان!
برهة من التّفكير. ثمّ: لمبة تضيء فوق الرّأس. - لحظة، لحظة، لمّا قلتِ "بلس"، ما كان قصدك شارع بلس، ما هيك؟ - أنا ببلس، فرع الداون تاون يا ذكيّة! ليش من إيمتى منروح عالحمرا؟
تسكت صديقتي قليلاً، ثمّ تضيف: - ناطرينـك!
هلّق روحة الحمرا كانت عشي فاضي؟؟
** لا تبالوا بجملة الخواريف... لمن يعرف الفرنسيّة، عمّ بتزانخ :) *** بشرفكم، اللي شاف مسلسل عمّار اليوم، مش كان بيعقّد؟ ;) |
ههههه.. نفس الشي كان يصير معي.. عشان هيك بطلت روح! ضحكتيني لما قلتي:"نعم، أعمل مترجمة... في منظّمة كذا... هدفنا العمل على كذا وكذا... كلا، لسنا بجواسيس... " هه!
ملاحظة: ما قلتيلنا شو صار ب بلس؟ شي خاص ما هيك؟ :p
وما ع بنا خلصنا من قصة عمار؟؟
ليكي أنا بحللك ياها.. جربي اكتبي سيناريو وابعتيلو ياه.. وما عم بمزح لأنك عن جد بتقدري ترصدي اليوميات اللي منعيشها وهيدا أكتر شي تفتقره الدراما اللبنانية..شو رأيك؟