اليوم، وصلت إلى المكتب صباحاً كالعادة، وأدرت جهاز الكومبيوتر كالعادة أيضاً. تفاجأت بأنّ صفحاتٍ ثلاث من الصّفحات التي ترجمتها بالأمس قد اختفت... أنّ تعب ذلك النّهار قد اضمحّل دون أن يخلّف أثراً. هكذا. بكلّ بساطة. دون من يترك لي سبباً، أو يزيل علامات الاستفهام عن جبيني. في بادىء الأمر، صمتُّ قليلاً. توقّف الزّمن لبرهة... برهة بسيطة كطرفة عين... تشعر فيها بالبرد وكلّ ما حولك مستعرٌ. تنهّدت تنهيدةً واحدة لا غير. ثمّ نفضت كلّ الأفكار، وأعدت ترجمتها من جديد. حين مضت السّاعات وأنهيت التّرجمة أخيراً، إذا بي ألاحظ أنّ الصّفحات الثّلاث كانت موجودةً أصلاً، ولم تختفي قط، وأنّني إزاء نسختين من ستّ صفحات للتّرجمة نفسها! وين عقلي؟!
عجباً كيف أبادل الصّدمات دائماً بالصّمت عينه. دائماً هذا الذّهول الأخرس. هذا الغياب حيث الكلام يرتطم بالكلام، وحيث الكلمات أصلاً لا تجدي. هذا الانهزام الذي يعانق حلماً طويلاً بالاستسلام الأخير. هذه الرّغبة الدّفينة في الهروب نحو عوالم أخرى. هذا الاضمحلال الخفيّ. هذا التّساقط الوديع الذي لا يؤلم. هذا الهدوء الكابت وراءه ألواناً قانية. هذا الرّضوخ الملطّخ بالزّلة القاضية. هذا النّسيان الذي ينسى أحياناً نفسه، وراء غيمة، أو على مشارف ذكرى، أو في فلول رائحةٍ قديمة. هذا البكاء المتحجّر في زاوية الحياة، حيث من يراك لا يراك، ومن يمسح دمعك يسدّد إليك ألف صفعة.
أعيد قراءة الكلمات الأخيرة. فأهزّ برأسي، وأقرّر: يجب أن أتخلّص من وطأة العمل يوماً ما! لا يمكن أن أستمرّ بهذه الوتيرة. لكنّ ترجمة الكتاب لن تنتهي قبل أربعة أشهر، وهي تقتل فيّ، كلّ يومٍ، الرّغبة في الكتابة. تردّني إلى ذلك المكان القاحل حيث الجسد مسمّر، وحيث حبّات العقد المنفرط متناثرة كلّ في مكان.
لعلّه وقت غريب يدعوني فيه رامي إلى المشاركة في مدوّنة الشّامل، وأخرى لسطورٍ من رواياتٍ لم تكتب. أو ربّما هو مكانٌ مثاليّ لامرأة احترفت الأحلام النّاقصة، والقصص التي لن تُكتب يوماً. فشكراً للدّعوة، وبالإمكان زيارتي في هذين المكانين من وقتٍ إلى آخر أيضاً. والآن، سلام، على رأيك يا ريحان. فحين يوشك كلّ شيءٍ على الانتهاء، لا يبقى إلا السّلام. |
ومن يمسح دمعك يسدّد إليك ألف صفعة
J'enleve mon chapeau
Je m'incline devant toi mlle
J'ai eu la chere de poule rien que pour cette phrase.
Je rejoint najib,
سلأم