استيقظت قبل قليل، وإحساسٌ براحةٍ استثنائيّة يساورني. مممم! "الله يردّك يا يوم مبارح". هذه نصيحة ثمينة منّي إليكم: إذا لم تحظوا بفرصة قضاء يومٍ في منتجع وتدليل أنفسكم بعد، فماذا تنتظرون؟؟؟"
صحيحٌ أنّني دفعت "اللي فوقي واللي تحتي" كما يقال، لكن لا بأس. فبالنّظر إلى كلّ ما يعانيه جسدي من جرائم تُرتكب بحقّه، فإنّ هذه الهيكليّة التي تحمل همومي ومشاكلي وفضلات روحي كلّها تستحقّ أن تعامل بأفضل من ذلك. وهكذا، جمعت عدّتي، واتّجهت نحو الموفمبيك (يبدو أنّني قرّرت أنّ الوليد بن طلال قد يحتاج إلى مساعدةٍ ماليّة إضافيّة من جانب حضرتي). البداية مع غرف السّونا والبخار والغرف المعطّرة. حمداً لله أنّه صادف أنّني اختبرت هذه التّجربة بدون وجود شخصٍ آخر هذه المرّة. فلا أتصوّر أنّ من جاء ليسترخي داخل هذا المكان كان ليرضى بسماع تذمّراتي: "يا ويلي، شو هيدا، لا أصدّق إنّني دفعت هذا المبلغ لأُشوى في هذا الفرن... مش طبيعي... ماذا لو نسوني في هذا الجحيم؟ أخرجوني من هنا. ما بدّي. إنّني أذوب..." (لكنّني بقيت، متل الشّاطرة) أمّا غرفة البخار، فحدّث ولا حرج. يعني عجزاً تامّاً عن التّنفس. لكن بيني وبينكم، استطعت أن أتآلف مع التّجربة، لا بل زرت هذه الغرف من جديد... كم كان لديهم أزرار في ذلك المكان! وأنا طبعاً محبّة للاكتشاف بطبيعتي. وهكذا، بدأت أكتشف وأضغط على الأزرار. والنّتيجة؟ دشّ فجائيّ من المياه الباردة، تارةً بشكلٍ رذاذ، وتارةً بشكلٍ دفق قويّ، وطوراً يأتيك من كلّ جانب. رائع! والمشكلة أنّني حين انتهيت من اللّعبة، لم أعرف كيف أوقف دفق المياه! آه، نسيت أن أذكر الأسرّة المائيّة أيضاً! (هل ذكرت كلمة رائع قبلاً؟ لا يهمّ. رائعة!)
بحلول ذلك الوقت، بدأنا بالجدّ: التّدليكات! الزيّوت المعطّرة، والأحجار السّاخنة، والموسيقى الباعثة على الاسترخاء التّام. كدت أفسد الأمر للوهلة الأولى، وألعن سرعة تأثّري بالدّغدغة، لكن من حسن الحظّ أنّ الأمر سار على ما يرام بعد ذلك. رقبتي كانت فعلاً بحاجة إلى ذلك. رقبتي؟ أقصد ذلك القالب الاسمنتيّ المنصبّ بين الكتفين، والمصبّ الذي تنتهي فيه كلّ تيّارات همومي وأحزاني وتعبي... رقبتي التي أحمّلها فوق طاقتها، لكن تكبت أنينها بصمتٍ وجلد. أغمضت عينيّ، وتركت الأجواء تنقلني نحو مكانٍ آخر. طردت هذه المشكلة وتلك من ذهني. طردت صور الأشخاص وأعباء العمل وكلّ إنسانٍ على وجه الأرض. في نهاية الأمر، بقيت وحيدة، وجهاً لوجه إزاء نفسي؛ ولم أعرف، إزاء هروب الصّور وانتفاء الأشخاص والمواضيع، كيف أكلّمها. ترى، هل الحياة نفسها، بكلّ ما فيها من ضجيج ومشاغل وهرج ومرج، تمنعني من الإصغاء إلى صوتها، وتقيني من ذلك الصّمت المزعج بيني وبينها؟ ربّما. بعد قليل، وجدتني على جزيرةٍ بعيدة، تلك التي تفرش ساحلها برمالٍ ذهبيّة نقيّة، وتتغطّى بأشجارٍ دائماً ما تنجح أشعّة الشّمس باختراقها. كنت أعتمر قبّعة القش التي أحبّها، وكما في كليشيهات الرّوايات والأفلام، أسير بسكونٍ داخليّ وسعادة ذاتيّة. طبعاً، لا ننسى إضافة الملح والبهار، من زقزقة العصافير، والشّاطىء الباعث على الرّومانسيّة، وإلخ إلخ.
في نهاية الأمر، هي تجربة تستحقّ أن تُكرّر بصفةٍ دوريّة، والنّتائج ملموسة فوراً ولا تخيّب الآمال. فإذا أردتم اكتساب بشرة كالأطفال، و... "لحظة، شكلي متل واحدة عم تعمل دعاية عالتلفزيون... خلص... عرفتوا شو قصدي."
آه، بالمناسبة، شاهدت فيلم "الأخوان غريم" البارحة. أنصح به لمن يريد أن يعرف مصدر كلّ الحكايات الخرافيّة التي دغدغت طفولته يوماً ما. ("ميم"، أعرف أنّك تقرأ، فاعترف أنّ خياراتي السّينمائيّة لا تخيب أبداً ;-)). |
غلط *_^
نون هي التي قرأتكِ أولاً
ونعيماً ان شاء الله يا ايف
وبما ان النسوة معجونات بالغيرة
فأنا اعترف انني غرت