الوقت يجري. السّاعة تلو السّاعة تلو السّاعة... وأنا أمكث مكاني ولا أعرف ماذا أفعل بجريانه. أبدو مرتبكة، كأنّني أريد أن أمضي ولا أعرف إلى أين، ثمّ أختار أن أبقى وأنا أجهل لماذا. تخالني إنساناً هبطت عليه نعمةٌ من حيث لم يكن ينتظرها، فلبث يتأمّلها وهو لا يعرف أيّ خطوةٍ تالية يتّخذ. وقت ضائعٌ هو، أو فراغ مفتوحٌ على مصراعيه، تشعر أثناءه بثقل الحمل على كاهلك، ولكنّك، رغم هذا، لا تحرّك ساكناً؛ كأنّك داخل دائرةٍ من السّكون السّرمديّ، غلافها الجمود وقُطرها التّشرد.
وقتٌ للهروب. للتّفلت من عبء الأعمال اليوميّة. للدّخول في عالم أليس، وبيتر بان، وروبنسون حين يدمن نسيان وحدته في مستنقعات الوحل. وقتٌ يجبرك على أن تكون أنت، وتواجه ذلك المخلوق المخيف القابع في أحشائك. فتكتشف، أنت المجيدُ لقواعد الكلام والمحادثات، والبارع في أصول العلاقات الاجتماعيّة والابتسامات المجامِلة، تكتشف أنّه، إزاء نفسك العارية، ينعقد اللسان وترتبك القدمان وتصاب بنوعٍ من الشّلل.
فلتسرق منّي وقت اختلائي بنفسي! أنا لا أريده. فجدار الصّمت بيني وبينها يربكني، والهوّة الفسيحة التي تفصلنا تتّسع يوماً بعد آخر. ما حاجتي إليك أيّها الوقت، حين تبعدني عن مظاهر حياتي اليوميّة وترمي بي إزاءها، حيث يسود صمتٌ خانق ويعتريني تململٌ لا داعي له؟ ما حاجتي إليك، وأنا أكيل لك السّباب وأنعتك بالفارغ والضّائع، فيما أنت تمسك بيدي وتخبرني أنّك "لم تفت بعد"، وأنّه "قد آن أوانك"؟ ماذا تريد منّي، لمَ تدفعني إلى قاع هذا المجهول؟ يقولون إنّك المُنسي والمداوي، وإنّ في راحتك دفءٌ يدمل الجروح. أعطني خبز النّسيان. أريد جرعات كبيرة. لا تكفيني الهنيهات واللحظات. دعني أغرف من ساعاتك وسنيّك. سأدفع، لا تقلق. وأنت، ما عليك إلا أن تخرجني من حبس هذه الدّائرة وتنسيني هذه النّفس وتساؤلاتها المزعجة. حدّد الثّمن وأنا سأدفع. أنسني العالمَ الذي وفدتُ منه، ولون الليل في عيوني. أنسني عيدي والتّواريخ على بطاقة هويّتي. أنسني اللغة التي أنطق بها، ثمّ دعني، رويداً رويداً، برفقٍ حتّى لا أتألّم، وتأنّ لئلا تقتلني الجرعة الزّائدة، دعني، بوخزة من حقنتك الخفيفة، أنسى اسمي. |
لا أملك الإرادة لمحو أيّ شيء أكتبه على مدونتي. وهذه مشكلة، لأنّ بعد قراءتي لهذه الفقرة، أخذت أتساءل ما الذي دهاني: إنّو عشو صارلي ساعة عم ثرثر، وأعمل من الحبّة قبّة؟ إنّها مجرّد مضيعة الوقت تتطرّق إلى الوقت الضّائع. يعني بالعربي المشبرح: وجع راس عالفاضي!
اعذروني أنا أوقات بحكي مع حالي هيك :-)