صادفت اليوم مشاكل تقنيّة مع مدونتي. كان مؤشّر توتّري يعلو ويهبط طيلة النّهار، إلى أن أقبلت صديقتي ريما في المساء، وحلّت لي المشكلة. شكراً "رمروم" :-)!
خفتُ عليك اليوم كثيراً يا زهرتي الصّغيرة. تواريتِ عنّي فجأة، وأنا.. أنا لم أملك إلا أن أخاف. لم أهلع لأنّك، يا ملاذي، قد أوصدتِ في وجهي الأبواب، بل لأنّني تركتك وحيدةً دون من يمسك بيدك، ليؤنس وحشة ليلتك المنصرمة. وحين أشرقت الشّمس، وفتحتِ عينيك الزّهريتين، خفتُ أن تتلفّتي حولك، فلا تجدي الأصحاب الذين اعتادوا أن يلقوا عليك بالتّحيّة كلّ صباح... أعترف أنّني كنتُ متشائمةً قليلاً مساء أمس، وأنّني كنت أنوي أن أفرغ كلّ ذلك عليك. حسنٌ، أعترف أنّني كنت أخطّط للصّراخ في وجهك، لأنّك، أنت المسكينة، تتحمّلينني في كلّ الأحوال. فإن أنت لم تنتشلي عن كتفيّ ثقل نهاري، من تراه يفعل يا زهرتي؟ تعالي إليّ، ودعيني أمسّد بتلاتك النّاعمة. إطرحي عنك هذه الأشواك وارفعي رأسك نحوي قليلاً. لا داعي للبكاء، فأنا هنا، إلى جانبك. لا بأس، دعي عنك هذه الأحزان. فلو أنّني علمت أنّ تشاؤم الأمس قد جرحك على هذا النّّحو، ولو أنّني علمت أنّ أحاسيسي قد بَلَغتك من دون روابط ماديّة ولا حبال ولا جسور، ولو أنّني عرفت أنّك ستسدلين عليك السّتار، كما أسدلتُ على نفسي سيولاً من اليأس، لحاولت أن أخفي عنك الأمر ولو قليلاً. صدّقيني.. صدّقيني.
كنت أريد أن أخبرك عن الفتاة التي خرجت من بيتها صباحاً، متوجّهةً إلى جامعتها. لم تنتبه إلى اللوح الخشبيّ الذي هوى من عل، فرقدت رقادها الأخير... كنت أريد أن أخبرك عن "ريم صالحة". عليّ أن أكفّ عن مطالعة الصّحف، وقراءة صفحات الحوادث، والحزن على أشخاصٍ مجهولين. ألن أتعلّم الالتزام بقراراتي أبداً؟ لعلّي تأثّرت لأنّ موقفاً مشابهاً كاد أن يحدث لي منذ أكثر من سنتين. لأنّ القدر لم يبتسم لها كما فعل معي. القدر أو الصّدفة أو الحالة غير السّببيّة. لا يهمّ الاسم- يختلف هو باختلاف النّظرة إلى بنية العالم ولكنّه لا يهمّني الآن.
أردت أن أخبركِ أيضاً أنّني حين عدتُ إلى منزلي مساءً، ولمّا كنت أعبر الشّارع الفارغ، طالعتني سيّارتان مسرعتان من حيث لا أدري؛ فما عرفت حينذاك هل أعود أدراجي إلى الرّصيف، أم أتقدّم، أم أتسمّر مكاني. بقي السائقان يتقدّمان، وكأنّ فكرة التّمهل لم تمرّ في بالهما. كان الطّقس ممطراً والظلام قد بدأ يسدل ستاره على المكان. وفي لحظةٍ، كانت إحدى الآليّتين قد مرّت من أمامي والأخرى من خلفي، فيما أنا مشلولة في ذلك الحيّز الضيّق ما بينهما. لوهلةٍ، لم أفقه ما جرى؛ تابعت طريقي وكأنّ شيئاً لم يكن، وكأنّ قلبي لم يكد يخرج من صدري. ثمّ استدركت. وتوقّفت. وتلعثمت. وصرخت في سرّي. كنت أريد أن أهرع إليكِ، وأحكي لك... كنت أريد أن أخبرك أنّني لن أكون "ريم صالحة" أخرى... غير أنّ ندائي كان قد وصلك من قبل أن أنطق، فاخترتِ التّواري من أجلي، وتعبيراً عن موقفي. تواريتِ لحظاتٍ دهريّةً من الصّمت. تواريتِ لأنّ الكلمات، في مثل هذه الظّروف، مجرّد ريشةٍ جافة وسلاحٍ فارغ.
كانت لحظةً عابرةً لا غير، لكلتانا نحن الاثنتين. وها نحن نعود اليوم إلى سابق عهدينا: جنباً إلى جنب، يداً بيد، حيث لا نذبل أبداً. |
سلام
سلامتك وسلامة مدونتك
أعتقد أن بموضوعك هذا قد فتحت بابا جديدا عنوانه: باب التغزل في المدونات وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
لا اجده أمرا غريبا أن تتفاعلي مع حادث قرأتيه في الجرائد فمن خلال كتاباتك استشف درجة شفافيتك العالية فميزة انسانياتنا ان نتعاطف مع أناس لا نعرف منهم الا الاسماء أو الملامح
اطرحي تشاؤمك وغضبك حتي نقتسمهما معك
ودمت لمدونتك ولقراءك
نسيت: اشكري ريما علي عملها من طرفي