حين غادرت مقرّ العمل برفقة صديقتي البرتغاليّة هذا المساء، لم يكن قد خطر في بالي أنّ كلّ محاولاتنا لتفادي الزّحمة الخانقة سترمي بنا في قلب المظاهرات التي دعا إليها حزب الله اليوم. فبعد أن طُردنا من سيّارة الأجرة على يد السّائق الذي آثر سلوك طريقٍ مغايرة، كان الاحتمال الوحيد هو أن نكمل سيرنا على الأقدام. وهكذا وجدنا نفسينا في خضمّ المظاهرة، أنا التي تُعدّ خبرتي في هذا المجال بائسة جدّاً، وهي التي تقتصر خبرتها على تورّطها غير المقصود، في إحدى المرّات، في مظاهرة دامية داخل أحياء لندن، تندّد بالأعمال الوحشية ضدّ صغار الفقمة! (ضدّ ماذا توقّعتم أن يتظاهر الانكليز إذاً؟). في الواقع، أستطيع أن أؤكّد لكم على أنّنا، وسط جمهرةٍ من مناصرات حزب الله المتّشحات من رأسهنّ حتّى أخمص القدمين، والحاملات الرّايات والشّعارات، بَدَونا، بملفّاتنا وحقائبنا وكعوبنا العالية وتعليقاتنا الانكليزيّة، طيراً يغرّد خارج سربه. رغم ذلك، لم يخيّل لي أنّ أيّاً من المتظاهرين كان يختلف عنّا داخليّاً. كأنّ الواحد منهم لا يدرك علامَ يتظاهر فعلاً، بل يمشي، لا يعرف إلى أين، على وقع شعاراتٍ يقولها بلسانه، فيما القلب يحلّق في مكانٍ آخر؛ لكأنّ ظاهره في ساحة وباطنه في ساحةٍ أخرى. لا تسألوني كيف نجحنا باختراق التيّار البشريّ المتدفّق أفقيّاً. لن أتوسّع في هذا الموضوع في هذه السّاعة من الليل. في مطلق الأحوال، مكاني لم يكن هناك. أتساءل فقط ما هو العمل الجبّار الذي استدعى نزول هذا الكمّ الهائل من النّاس كي يعبّروا عن شكرهم لسوريا. ما هو؟ استضافةٌ كانت مقرّرة لثلاثة أيّام فاستحالت ثلاثين عاماً؟ إذا كان الأمر كذلك، فإنّ الضّيف ثقيل فعلاً! |
تابعنا خطبة حسن نصرالله على الهواء، و الحقيقة أنه خطيب مفوه. أعجبني كذلك ما يظهر من وعي سياسي للجماهير البنانية، ليس مطلوبا أن يكون كل شخص خبيرا استراتيجيا لكن على الأقل هم متابعون و فاعلون في قضايا بلدهم. أنت أدرى مني طبعا، لذا أحب أن أعرف رأيك.
خروج الجيش السوري من لبنان حان وقته فعلا، لكن ربما ملأ وجودهم في الفترة الماضية، قبل أن يطول جدا، فراغا كان سيستغله آخرون(إسرائيل؟)
و على أي حال، فإبداء التضامن مع سوريا و لو شكليا، مطلوب هذه الأيام.