وصلت إلى المكان المنشود في الموعد تماماً، إلا إنّني بقيت لدقائق إضافيّة في سيّارتي وأنا أتمنّى ألا يمرّ الوقت ببطئه المزعج هذا. فما كنت على وشك أن أفعله لم يبعث فيّ أيّ نوعٍ من الحماس.
كانت ريما قد اتّصلت بي في وقتٍ مسبق من ذلك النّهار. قالت إنّها تنوي أن تعدّ مفاجأة لصديقها "العزيز على قلبها"، بمناسبة عيد ميلاده؛ ثمّ دعتني إلى ملاقاة أصدقائه في مقهى مجاور كي نفاجئهما معاً عند دخولهما. كلّ شيءٍ على يرام حتّى هذه اللّحظة، باستثناء أنّني لا أعرف أصدقاءه ولم تقع عيني على أيّ منهم قبلاً قط. بالتّالي، كان من المفترض بي أن أدخل المقهى، وأجول على الطّاولات، وأنا أسأل الحاضرين: "هل أنتم أصدقاء "ميم" وريما؟" إذا فكّرتم في الأمر، ليست الفكرة مشجّعة إلى هذا الحد. ما علينا! كان المقهى عبارةً عن غرفةٍ ضيّقةٍ واحدة. عندما دخلته –للمرّة الأولى- أجلت نظري، ودرست الحاضرين، فلم أرَ بينهم من يفي بطلبي. فما كان منّي إلا أن عدت إلى ملاذ سيّارتي وهاتفتها: "أين هم أصدقاؤك في مثل هذه السّاعة؟". ثمّ اتّفقنا، أنا بصبري الذي بدأ يفرغ، وهي بكلماتها المشفّرة، على أن أعاود الكرّة قبل دقيقةٍ واحدة من وصولها. فلا شكّ في أن الجميع سيكون قد وصل بحلول ذلك الوقت. أمري لله. دخلت المقهى للمرّة الثّانية. من هم.. من هم يا ترى؟ أخيراً، انتقيت طاولةً جلست إليها مجموعةٌ كبيرة من الأشخاص، وسألت، وكلّي أمل أن أتلقّى ردّاً بالإيجاب: "هل أنتم أصدقاء "ميم"؟". غير أنّ الهنيهات التي أنفقوها كي يفهموا ما هو هذا الاسم الغريب كانت جواباً كافياً وغير متوقّعٍ بالنّسبة لي. ما هذه الليلة التي لن تمرّ على خير؟ آه، طبعاً بين الفينة والأخرى، كانت الفكرة الأبرز التي تمرّ في بالي هي: سأقتلك يا ريما! وما زاد الطّين بلة أنّ الشّباب الذين سألتهم أصرّوا على أن أجلس معهم بانتظار مجيء أصدقائي، لئلا أبقى واقفةً طيلة الوقت. وهكذا، وجدت نفسي جالسةً إلى طاولة مع أشخاصٍ لا أعرفهم، ونحن نحاول أن نفتح أيّ مجالٍ للحديث في هذا الوضع الغريب. بعد ذلك، اتّصال هامس آخر من ريما، وتعليمات أخرى لإنجاز العمليّة السريّة: "ماذا تفعلين في المقهى؟ إنّهم ينتظرونك في الخارج!" بعبارةٍ أخرى: وضعتِ نفسك في هذا الموقف مقابل لا شيء! والسّبب: تغيير مفاجىء في الخطة، وصعوبة التّواصل بين جميع الأطراف. المهمّ! المرّة الثّالثة التي دخلت فيها المقهى كانت موفّقة والحمد لله، لا سيّما وأنّني كنت مصحوبة بالأشخاص المطلوبين، وأنّ صاحب العيد قد تفاجأ فعلاً.
أخيراً، روى كلّ منّا روايته الخاصّة للأحداث. اتّضح أنّ المساكين كانوا يبحثون عنّي بدورهم. أخرج من المقهى، فيدخلون. أدخل، فيخرجون. ضحكنا كثيراً... وطبعاً، أكلنا "جاتوه" (لا تحسبوا أنّني أغيظكم، فأنا لا أحبّ الجاتوهات كثيراً)! وكلّ سنة وأنتم بخير :-) |
سلام
هذا الموضوع يذكرني بحكاية الشخص الذي تعرف علي فتاة عبر الهاتف فاتفق معها علي عقد لقاء لكن المشكل أن كل واحد منهما اختبأ في زواية قريبة من مكان الموعد وانتظر مجيء الطرف الاخر فكانت النتيجة عدم لقائهما
ليدخلا بعد ذلك في نقاش طويل حول من أخلف الموعد