قبل يومين، رأيت مارسيل يغنّي للمرّة الأولى. في الواقع، لم يكن غناءً بقدر ما كان مشهداً لحنياً، وأنشودةً للإنسان، وتعبيراً عن الوجود. مارسيل خليفة في قصر الأونيسكو كان مميّزاً يوم الجمعة، يزيده سحراً وألقاً صوت أميمة الشّجيّ وعصفورها، ونغمةٌ موسيقية لكأنّها تنوّمك مغنطيسياً حتّى تصحبك إلى أمكنةٍ لم تسمع عنها من قبل.
أسترجع في ذاكرتي كم من مارسيل مرّ في حياتي، فلا أنجح في استعادة إلا ثلاثة: أذكر أوّلاً مارسيل غانم، الإعلامي الشّهير الذي لن أتوقّف عنده الآن، لأنّ أمره لا يعنيني إلى هذا الحدّ بصراحة. لكن كيف أنسى مارسيل الأخرى؟ مارسيل "طيور أيلول"، مارسيل التي أصبحت جزءاً منّي ومن كياني؟ ومارسيل هذه ولدت بقلم إميلي نصر الله التي كانت أوّل من شرّع لي باب القراءة على مصراعيه في صغري، وسقتني في الدّم حبّ الوطن، وعلّمتني معنى الحزن ولغة المرأة وصيحة الأرض. مارسيل التي اكتشفت في النّهاية ما معنى أن تعيش العمر مغرماً بفكرة حبيبٍ، ثمّ تطالعك الحقيقة أخيراً فارغة، عقيمة لا بل تافهة أحياناً.. فلا يسعك حينذك إلا أن تبتسم ابتسامةً بسيطة، وتهزّ كتفيك لامبالاةً، ثمّ تتابع الحياة كأنّ شيئاً لم يكن... إذاً طيور أيلول هي حبّي الأوّل في ميدان القراءة، ورغم السّنوات الخمس عشرة التي مضت على قراءتي إيّاها للمرّة الأولى، فما زلت أذكر السّطرين الأخيرين اللذين يسدلان السّتار على نهايتها. ففيهما، تقف منى: بطلة خائرة في حلبة الصّراع، نقطة استفهام على جبين الأرض.
ويبقى مارسيل خليفة وركوته العربيّة. لقد أنشد لي: بين ريتا وعيوني بندقيّة، والذي يعرف ريتا ينحني ويصلّي لإلهٍ في العيون العسليّة. ومع أنّني لم أنعم بصوته يغنّي: أحنّ إلى قهوة أمي، إلا أنّ الثّورة في أغنياته تجرّح خدّ الخمول.
|
it is really enjoyable to see such powerful site for a lebanese woman ,it is indeed a real lebanese woman spirit.keep writing with my best LUCK TO YOU and REAL HAPPINESS.
http://www.kadmous.org/haki/2004_10_01_bloghaki_archive.shtml