أوّلاً، أريد أن أتقدّم بالشّكر من المغرب، لأنّه أعارني هويّته حين طلبتها منه. لا أدري لمَ كنت أظنّ أنّ ارتداء قناعٍ مغاير ضروريّ عند تدوين أفكاري هذه. لا أدري كذلك لمَ همّني ألا يتعرّف إليّ أحد، وأن أتّخذ كلّ الاحتياطات اللازمة، وأتوسّل كلّ الألقاب السريّة والعمليّات الحذرة على غرار آرسين لوبان، أو صاحبنا جيمس بوند. والغريب أنّني انتقيت أبعد الدّول مسافةً على خطّ الخريطة العربيّة. لا بل لعلّي ما كنت لأتردّد في خوض عباب الأطلسي، لو أنّ البرّ الذي وراءه يحمل إليّ أمان مجهول أكبر. في نهاية المطاف، اكتشفت أنّني، مهما حاولت الاختباء، فإنّ الكلمات بطاقة هويّتي، تفضحني عند مفترق كلّ تعبيرٍ وعلى عتبة كلّ لسان.
أمّا بعد، فإنّني أودّ أن أتقدّم بالاعتذار لكلّ من حسب أنّني قد أقدمت على ذلك بدافعٍ من سوء نيّة. لكنّ موعد سقوط الأقنعة قد حان، كما حان الوقت لأشهر لبنانيّتي أمام نفسي وكلماتي وبنات أفكاري جميعها، في المقام الأوّل.
لأجل التّراب الأحمر المجبول بعرق أبنائك، ولون عينيك الخضراوين أبداً رغم يد الزّمن والحروب؛ لأجل بحرك حين تعانق أمواجه أنفاس الحبّ الأوّل على قمّة جبل الشّيخ؛ لأجل كلّ مكانٍ في زواياك ينضح جمالاً وتألقاً مهما بلغ شكله من التّفاهة؛ لأجلك يا "قطعة سما"، أهمس في جذع أرزتك النّابضة عروقها في دمي: بحبّك يا لبنان. |
الحقيقة أن لهجتك جعلتني أشك في هويتك! لأن أسلوب الكتابة و استخدام التراكيب و المفردات يمكن أن يبين موطن الكاتب و إن كتب بالفصحى.
الحقيقة أن هذه الريبة هي ما جعلتني مهتما بكتابتك في البداية :-)