منذ أن تلفّظتَ بكلمة السرّ وفتحتَ المغارة، وأنت تسرق كلّ كنوزي. نادين أخبرتني أنّك اكتشفتَ همساتي على كتف هذه المدونة. قالت لي إنّ أنيني سمعته أذناك، وإنّ كلّ الهلوسات التي خلتني أعزفها وحيدةً قد أمست مسرحاً، تجلس أنت في صفّه الأوّل، وتصغي. فقط، تصغي. منذ أن بدأت تقرأ وأنا لا أعرف كيف أكتب. أزور مدونتك من جديد. أفهم ولا أفهم. أنت تنحت كلماتك بحذرٍ، وأنا أختار عباراتي بعناية. أرضك وأرضي. حرارتك وغموضي. تواصل غريب. تواصل؟ أو ربّما قراءة ذاتيّة لكلمات لا تحتمل أيّ قدر من الذّاتية. وبعد، فإنّ الرّسائل المشفّرة تصيب المرء بالإرهاق، أتعرف؟ أيلول وتشرين يفضحان الكثير هنا. لكنّك عارفٌ بأمر أيلول، ومنعطفاته، وأمطاره التي ننتظرها، كلّ سنة، بشوق صادٍ ألهب العطش ضلوعه. أمّا منعطفاتك أنت، وطرقك التي تصعد في لحظةٍ لتعود فتنحدر في اللحظة التّالية، فأنا نفسي لم أعد أفهمها.
تلك الليلة الأخيرة، قبل أن تسافر، أتذكر ماذا قلت لي؟ "لَشو؟" سدّدتها إليّ عندما أردتُنا أن نكون جبران ومي زيادة آخرَين. استدركتُ. أنت دائماً صدى العقل فينا. معك حقّ، لَشو؟ فماذا نحن فاعلان الآن؟
أعرف أنّنا لا نقصد. نوغل في الابتعاد ثمّ يجرفنا التيّار من جديد. ولكنّني أريد للأقنعة كلّها أن تسقط. كلمات أخرى ما كان ينبغي أن تسمعها. ولكنّني، منذ ثمانية أشهر، وأنا أقحم يدي في صدري، وألفظ كلّ مكنوناتي.. فكيف أتوانى في إخفاء مكنون أخير، وهنا مرتعٌ لأهوائي، تطير بأمرٍ منّي أنا؛ وهذه مساحةٌ لخواطري، تشدو بحريّة، بعيداً عن مواطن النّفس المكبوتة؟ كلّ الفرق أنّك الآن تراها تطير وتعلو، إلى حيث أجهل، أنا نفسي، العنوان.
خائفةٌ أنا. خائفة من أن أضيّعك وأطلق سراحك للرّيح، كي تحملك نحو أحضانٍ أخرى. خائفة من أن أسجنك في قفصٍ مثاليّ، فتغدو أنت الحلم والواقع عنك بعيد. خائفةٌ من أيلول مقبل، تنسى فيه رفع السّماعة والقول: "أريد رؤيتك، الآن". أريدك سعيداً، ولو في لوحةٍ بعيدةٍ عنّي، ولو تحت شموس أخرى؛ ولكنّني خائفة حتّى من سعادتك هذه.
أحمل حقائبي، وأنظر إلى القطار القادم من بعيد. المحطّة خالية إلا من مسافرَين آخرَين وبعض ضباب.. أجلس بالقرب من النّافذة. أمسح زجاجها المغبّش. لا شيء. لا أحد. أرتمي على المقعد. أغفو. أتمنّى ألا أستيقظ قبل المحطّة التّالية.
تراني لم ألاحظ إلا الآن: كيف عساني أضيّعك أنا التي ما ملكتك قط؟ |
eve... does he know that this post is all about him? Your passion and your pain are tearing the letters apart.. Why is it that the greatest love stories are almost never fulfilled... do we take pleasure in our own suffering? We picture a life so beautiful, so perfect, so incredibly unreal, that nothing we ever experience measures up. And then we weep, we weep bitterly for losing what, like you said, we never really had. Better yet, we weep for losing what can hardly, if ever, be at all.. many of us would rather create a paradise and suffer through losing it, than accept a world of just purgatory and hell. Many of us would rather endure optimistic pain than pessimistic acceptance. But I say paradise is here, before our very eyes. Yet we look next to it, above it, below it. We look right through it, and weep in despair.