أين أنا هذه الأيّام؟ صعبٌ أن أحدّد ذلك فعليّاً.
في البداية، أقدمت على أكثر الخطوات غباءً، وعن سابق تصوّر وتصميم: وافقت على ترجمة كتاب بصفحاته الستّين بعد المائتين. بعبارةٍ أخرى، ضحّيت بوقت فراغي! فبتّ، بعد الانتهاء من دوام عملي المعتاد، أعود إلى البيت لأتفرّغ لترجمةٍ من نوعٍ آخر. لا أدري كيف فعلت ذلك، ولا إن كنت سليمة العقل لمّا وافقت على ذلك، ولكنّ الكتاب كان يرمقني بنظراته المغرية، فسلّمت أسلحتي سريعاً. في الواقع، إنّه مادّة دسمة للتّرجمة، وأنا أضعف أمام أيّة ترجمة تفرد أمامي مساحةً للطّيران في فضائها، إلى حدّ ما. فمنذ زمنٍ، وأنا مشتاقةٌ للانكباب على كتابٍ روائيّ، وتحليله، وتجريده، و"تشريحه"؛ لكن جلّ ما يصادفني هي النّصوص التّقنيّة الجافة التي لا تسمح لي بإطلاق خيالاتي الهوجاء في التّرجمة – طبعاً، ضمن الحدود التي تسمح لي بها هذه المهنة.
خلاصة القول، التّعب شديد، وكلّ ساعةٍ من حياتي مدروسة ومخطّط لها لتأدية خطوةٍ معيّنة. فقد كان حرصي الأوليّ هو التّأكيد على أنّني أستطيع أن أؤدّي هذه المهمّة من دون أن أغيّر شيئاً في حياتي، أي من دون أن أضطر حتّى للإقلاع عن دروس الرّقص، والكفّ عن ممارسة الرّياضة في النّادي والخروج مع أصدقائي وما إلى ذلك. والنّتيجة؟ لا تشجّع كثيراً حتّى الآن! لكن، في المقابل، عليّ أن أعترف أنّ الكتاب مثيرٌ للاهتمام فعلاً. يعود بي إلى أجواء القاهرة أيّام المماليك، وضروب السّحر التي كان يمارسها البعض في تلك الحقبة. ومن هذه اللعنات، لعنة "الكابوس العربي" (وهو عنوان الكتاب) الذي يسيطر على أحلام المرء، حتّى يعجز هذا الأخير عن التّمييز بين عالم الواقع والخيال. إنّها رواية ساحرة عن النّوم، بقلم روبرت إروين، بالرّغم من أنّ القارىء قد يستغرب تأليف قصّة عن هذا الموضوع. أمّا إشكاليّة ترجمة هذا الكتاب، فأحسب أنّها المفردات التّركية والفارسية الأصل التي تصادفني بكثرة، أو حتّى تلك التي تملك أصلاً عربيّاً غير متدوالٍ اليوم.
تذكّرت، لديّ سؤالٌ أخير: أيعرف أحدكم ما السّبيل إلى معالجة مشكلة العمود الأيمن من مدونتي الذي يحلو له، بين الفينة والأخرى، أن يقفز إلى أسفل المدونة؟ وبكلّ وقاحة أيضاً!
ويبقى السّؤال: أين أنا؟ أظنّ في مكانٍ ما من هذا العالم، أفتّش عن مساحةٍ، ولو صغيرة، من راحةٍ بلا تعقيد، وطرقٍ من غير دهاليز. |
سلام
نعم نحن كذلك نتساءل أين إيف
علي كل شخصيا اشجعك علي مثل هذه الأعمال فهي الوحيدة الكفيلة بإعطائك المتعة الحقيقية كما تساهم في حفاظك علي طراوة اسلوبك وسلاسته
لكن هذا لا يعني الابتعاد خصوصا عن دروس الرقص والرياضة
أما اين انت فالأكيد أنك في العديد من الأمكنة اعرف احداها
قلوبنا