كلّ صباح، أدنو من الشّرفة. أرفع السّتائر في المكتب. مبنى "النّهار" المقابل. عيناكَ. كلماتكَ. يدكَ المرفوعة. كأنّك تقول للنّاظر: "يلا، مشّي معي..." أغمض عينيّ لبرهة. أشيح بوجهي. ما الذي آل بك إلى هنا. كيف انتهيتَ صورةً على جدار. لا أريدك جزءاً آخر من ديكور المشهد.
وتظلّ السّتارة تُرفع صباحاً تلو آخر. والصّورة تتّخذ أنيساً. والدّيكور يتجدّد. والأشجار تستحيل مشجب صورٍ. وأبواق السّيارات سيمفونيّة رثائيّة.. مذعورة.. أو اعتياديّة يوميّة. ماذا يفعلون بمشهدي اليوميّ؟ يلطّخونه بطبشورٍ أحمر. وأنا أمحو وأمحو. يداي يكسوهما الغبار. يلطّخون أكثر فيسبقونني وأخشى ألا أتمكّن من مجاراتهم. شرفتي معرضُ صور. سبّورة أطفالٍ دامية. ترتيلاتٌ غير مفهومة. من يسقطون، أما من رملٍ يحتويهم غير إطارٍ مسمّر عند قدمَي شرفتي؟ أختبىء خلف الحائط. لماذا أرفع السّتارة كلّ يوم؟
زعيق شعاراتٍ بدأ يعلو من الأسفل. "نحن الأكثر"... "أنظروا كيف غطّينا السّاحات"، "حشدنا غير مسبوق"، "لا مكان بعد يتّسع حتّى لشخصٍ واحد"، "يحيا الزّعماء القدادسة"... والصّور، أيضاً، تتفرّج إلى لعبة الأكثريّة. لوهلةٍ، تبتسمُ، تخال أنّ هذا الحشد لا بدّ ينتفض ضدّ من قطفها ليسجنها في الأطر. أليس هذا ما يحدث في الطّبيعة؟ لكن.. شيئاً فشيئاً، تخبو البسمة، تتهالك اليد، يُمحى القسم، ينفطر قلب. فما من نداءٍ يتيم واحد يدعو إلى القبض على حامل السكّين.. على كاسر القلم.. على قتلة لبنان.
|
Eve, it's sad to hear you sound so depressed. I hope somewhere in your subconscious you feel some relief that things are happening peacefully and that demands are chosen so rationally compared to what could have been....